top of page
  • سهيل الدراج | صحيفة الجزيرة - العدد 13199

(العشرين) هل تؤسس لنظام ماليٍّ جديد..؟!


بدأت الجمعة في واشنطن بالولايات المتحدة اجتماعات قمة العشرين التي تنعقد وسط أجواء ضبابية خيمت على الاقتصاد العالمي، فبعد انزلاق أكبر ثلاث اقتصادات في العالم، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان تأتي قمة العشرين لتناقش مسببات الأزمة المالية الحالية، والحلول للخروج منها، ومنع الاقتصاد العالمي من الانزلاق إلى ركود عميق، ووضع السبل لمنع تكرار ذلك في المستقبل. مجموعة العشرين تضم مجموعة الدول المكونة لما يعرف ب G-8 التي تضم الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكندا وروسيا، إضافة إلى دول الأرجنتين والبرازيل والمكسيك، والصين والهند وأستراليا، والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا وتركيا وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وممثل عن الاتحاد الأوروبي.. وكانت مجموعة العشرين قد انعقدت لأول مرة في برلين في ديسمبر عام 1999 لمناقشة الانهيار المالي الذي حدث في آسيا عام 1997 - 1998م، وتشكل مجموعة العشرين حوالي 90% من حجم الاقتصاد العالمي. ويتوقع أن يتم التوصل في هذه القمة إلى تعزيز دور البنوك المركزية في دفع الاقتصاد العالمي وتجنيبه الدخول في ركود اقتصادي عميق، من خلال استمرار البنوك المركزية في دورها في خفض الفوائد لدفع السيولة إلى أسواق المال.. كما يتوقع أن يتم تشديد الإجراءات والمعايير المحاسبية على البنوك والمؤسسات المالية، وتعزيز الشفافية وزيادة التعاون الدولي.. كما يتوقع أن تشدد أمريكا على عدم وضع الحواجز التجارية أمام السلع العالمية، وأن تدفع بالمشاركين إلى تجاوز الخلافات التي تعيق جولة الدوحة في محادثات التجارة الدولية.. وبدون شك سيتم التركيز على دعم صندوق النقد الدولي ليتمكن من دعم الدول التي تقف على حافة الإفلاس. وضع الحواجز التجارية أثناء الركود الاقتصادي كان من الأمور التي فاقمت الكساد الكبير الذي حدث عام 1929م، فبعد أن قامت الدول بوضع التعرفات الجمركية المرتفعة والقيود التجارية انهارت التجارة الدولية في ذلك الوقت إلى النصف.. لذلك طالب الرئيس بوش عدة مرات الكونجرس بضرورة إجازة اتفاقيات التجارة الحرة مع كولومبيا وكوريا الجنوبية. قادة العالم ليسوا على اتفاق بشأن الإجراءات التي سيتم اتخاذها، فهم منقسمون حول ما يجب فعله للخروج من الأزمة، فالأوروبيون يرون وضع رقابة وقيود أكثر على أسواق المال.. لكن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته يرى زيادة الإنفاق والدعم الحكومي من قبل الدول المتقدمة والنامية، ويبقى متحفظاً على التدخلات المباشرة في أسواق المال على الرغم من اعتماد حكومته خطة إنقاذ بقيمة 700 مليار دولار خصصت أجزاء كبيرة منها للتدخل المباشر في أسواق المال والقطاع الخاص.. في حين ترى دول أخرى ضرورة إعادة هيكلة النظام المالي العالمي وإعادة هيكلة مؤسساته، وضرورة إشراك الدول النامية في المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. البيانات الاقتصادية التي صدرت قبل القمة بـ 48 ساعة، أظهرت صورة قاتمة للمستقبل، فمنطقة اليورو دخلت رسمياً في ركود اقتصادي هو الأول منذ أكثر من 15 عاماً، ومبيعات التجزئة في الولايات المتحدة في شهر أكتوبر هبطت لمستويات قياسية، والاقتصاد الصيني حقق نموا في شهر أكتوبر بمعدل هو الأضعف منذ أكثر من 7 سنوات. ما هي إلا ساعات قلائل ويسدل الستار على اجتماعات قمة العشرين التي يتوقع أن لا تكون ذات جدوى كبيرة، بسبب الخلافات الجوهرية بين قادة العالم من ناحية تعريفهم للمشكلة أصلاً وأساس وكيفية نشوئها، إضافة إلى ما يتوقع أن يكون تعنتاً أمريكياً يركز على دعم صندوق النقد الدولي واستخدام السياسات النقدية لضخ الأموال في النظام المالي العالمي.. وهذا الطرح لن يروق للأوروبيين وغيرهم من قادة العالم الذين يريدون شفافية وقوانين ورقابة أكثر، وإجراءات لمنع تكرار حدوث مثل هذه الأزمات.. والأهم من هذا وذاك أن مبادئ إدارة الرئيس جورج بوش المنتهية ولايته لن تدوم كثيراً، لأن ساكن البيت الأبيض الجديد الفائر بالانتخابات الأمريكية (باراك أوباما) سيبدأ بالتغيير الجذري الذي تبناه أثناء حملته الانتخابية.



bottom of page